728x90 AdSpace

قالوا عنا

الوطن السعودية || الثورة في مصر كانت هي لهب "الفينيكس" الذي اشتعل في ثوب المسرح لينتفض من تحت الرماد في أول مهرجان مسرحي بعد الثورة "مهرجان آفاق المسرحي"


كنا أطفالا نموت خوفا ورعبا من ثلاثة أشياء الغول والعنقاء والسعلاة، وكانت سلاح آبائنا لاستجلاب السكون والهدأة ولا مانع أن تكون مشوبة بالخوف والرعب مع الأسف.
ويبدو أن كل هذه الأساطير ما هي إلا صور متحركة في وجدان الشعوب لتحقيق مآرب من جراء حراكها المستمر والجالب للتوتر المنجز للجلب أو الطرد أيهما أفيد. ولأسطورة طائر الفينيكس الآرامية أو طائر العنقاء متخيلة تبعث على أن للخلود قوة يجب أن تكتسب بالإصرار الدائم على الحياة.
وقد راق لي أن أطلق على المسرح في جميع مراحله التاريخية بطائر الفينيكس أو العنقاء، لما له من صفات مكتسبة من شخصية هذا الكائن الباعث على الأمل وقهر كلمة مستحيل وتحويلها إلى خرافة.
وقبل الدخول في الموضوع نود أن نتعرف على أسطورة طائر الفينيكس وقد قيل إنه العنقاء عند العرب: قيل إنه اكتسب اسمه (فينيكس) من المدينة اليونانية فينيقية بحضارتها الفينيقية وربما اكتسبت هذه المدينة اسهما وبالتالي حضارتها نسبة لهذا الطائر حينما يشعر بالخطر أو بالضعف والوهن يحترق حتى يصبح رمادا ثم ينبعث من تحت الرماد شابا رائع الجمال وبهذا يتحقق له الخلود كما في الأسطورة ، ولعل اشتراك المسرح وهذا الطائر في موطن الوجود يكون سببا في اشتراكهما في خاصية لا تكون إلا لهما ألا وهي الموت أو الاحتراق حين الضعف والإحساس بالخطر والعبث به أو تخضيعه، ثم البعث من تحت الرماد لميلاد جديد يحيا ما دام الزمن والمسرح في الوطن العربي يمران بأزمات, وتداول كلمة المسرح يحتضر تجلجل في أرجاء الوطن العربي من خمسة عشر عاما أو عشرين. وكأنها انعكاس لمفهوم أزمات والمكونة من مقطعين "أز" و"مات"، والأز هو الصوت المجلجل، و"مات" هو معنى لفراق الحياة، وبالتالي فالأزمات هي نذر الموت لشيء ما كما في إعلامنا العربي عن المسرح في تاريخه الحديث.
ويبدو أن الثورة في مصر كانت هي لهب "الفينيكس" الذي اشتعل في ثوب المسرح لينتفض من تحت الرماد في أول بادرة له وهي أول مهرجان مسرحي بعد الثورة (مهرجان آفاق المسرحي) على مستوى الجمهورية على مسرح البالون برعاية وزارة الثقافة وبرئاسة خالد عبدالجليل رئيس قطاع الإنتاج الثقافي بالوزارة وإدارة المخرج المسرحي هشام السنباطي، بمجهود شباب تمنى أن يبدع بحق قبل هذه الثورة ولكن عبر الأصفاد.
وقد تشكلت لجنة المشاهدة واختيار العروض من باقة من النقاد والفنانين ومنهم على سبيل المثال الكاتب المسرحي أمين بكير والكاتب المسرحي سعيد حجاج والمخرج أحمد رمزي والمخرج أشرف عزب والمخرج فادي فوكيه والممثل ناجح نعيم والدكتور أنوار عبد الخالق, وآخرون.
وقد شرفت أن أكون ضمن لجنة التحكيم ومع هذه الكوكبة في هذا المهرجان بداية بالانتقاء ثم التصعيد ثم التحكيم النهائي مع نخبة من النقاد الباحثين عن المسرح وعن نهضته. وبمجرد الإعلان عن إقامة هذا المهرجان وجدنا أمامنا ما يربو عن مئتين وخمسين عرضا مسرحيا لشباب مبدع يتلمس خطاه، وقد كانت المفاجأة أن أغلب المخرجين لهذه العروض شباب تحت العشرين بين السابعة عشرة أوالثامنة عشرة, في عمر يلد مسرحا في ظروف غامضة ربما تتحقق له الرعاية والعناية والإخلاصٍ ليكون فينيكيسيا يولد في عمق اللهب، لهب الثورة ولهب الأحداث ولهب الفكر المتعدد وغير المستكين. كنا كلجنة مشاهدة في منتهى الدهشة لأربعة أسباب أولها صغر سن المخرجين والمؤلفين، وثانيا جودة المستوى بين هذه العروض وثالثهما كثرة الإقبال على المهرجان وكثرة المشاركات والدهشة الرابعة هي التيمة الوجودية المسيطرة على ما شاهدته من عروض في أغلب أفكار الشباب والعروض تأليفا وإخراجا فما علاقة هذه الدهشات الأربع بمسرح ما بعد الثورة؟
لقد عملت الثورة المصرية على إيقاظ الوعي والصدح في مناخ مضطرب مستقر ملتهب وبارد لا يعرف أحد تصنيفه سوى أنه يسير نحو البحث عن الذات وهو ما تجسد لنا في أفكار الشباب المسرحي في أولى مشاهدات المهرجان، وللوعي مخاضه العسر بعد فترة تهميش وإقصاء وتغييب وشللية ومصالح شخصية أتت على الوعي القومى والعربي والمصري بوجه خاص فبدأ السؤال الوجودي أكون أو لا أكون يتهادى على خشبات المسرح المصري بل سأكون وسأكون بالرغم من السكون. يقول كارل بوبر في كتابه بحثا عن عالم أفضل:
"نحن، العقل البشري، أحلامنا، أهدافنا، صناع العمل، صناع المنتج، ونحن نتشكل في نفس الوقت بما نصنع. إن هذا في الحقيقة هو العنصر الخلاق في البشرية: إننا في عملية الإبداع نحور في نفس الوقت أنفسنا من خلال عملنا. صياغة الواقع إذن من صنعنا". وبما أن مصر هي قلب العروبة النابض والقاهرة هي قنديل الثقافة العربية فإن ما تنهجه تصدره طواعية أو كرها لباقي الثقافات العربية كما تتسرب قطرات النيل في كل الشرايين العربية فإما تصيبه بالهزال وإما تمنحه القوة والفتونة والطاقة. ومن هنا كنا دائما وأبدا نتحسس دقات قلوبنا كلما طرأ طارئ على مصر لأنها مصنع الثقافة العربية ومركز إشعاعها، وبالتالي فحين استشعرت أولى درجات تبين الرؤية لميلاد جديد للمسرح العربي أدركت أنه من مهرجان (آفاق المسرح)، ثم تيقنت أن المسرح شأنه شأن الحتمية التاريخية حيث الميلاد ثم النضج والقمة ثم الانحدار ثم الميلاد الجديد تماما كطائر الفينيكس.
ملحة عبدالله    

المصدر : http://alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleId=13133  

مكتبة صور آفاق مسرحية

مناسباتنا

أخبارنا بالصحف والمواقع الالكترونية

مكتبة صور " آفاق مسرحية "

مكتبة فيديوهات " آفاق مسرحية "

ملتقى " آفاق مسرحية " أون لاين

إلى الأعلى